تسجيل الدخول
التصنيف :#موهبة#
855

برامج موهبة: بوابة صناعة النجاح العلمي والمهني للطلبة

​​​​​​​يُعد الاهتمام بالموهبة والموهوبين من أبرز أهداف التربية الحديثة، وأحد أساسيات النهضة النوعية لأي مجتمع من المجتمعات، وهو مقياس لتقدم الأمم ورقيها، فلقد خلق الله سبحانه وتعالى الإنسان وميزه عن غيره من المخلوقات بالعقل والحكمة، ومتى تم استثمار العنصر البشري وفق إمكاناته وقدراته؛ تتكون لديه ملكة الابتكار والإبداع ومن ثم ينعكس هذا على تطور المجتمع ورقيه. وبشكل عام، يتم تكوين رأس المال البشري من خلال الاستثمار في تعليم البشر وهو أفضل أنواع الاستثمار. ويتمثل العائد الاقتصادي من الإنفاق على الموهوبين في:

​​(أ) تلقي الفرد الموهوب رعاية وعناية تتناسب مع قدراته واستعداداته حيث يبدع ويبتكر في مجال ما من مجالات الدراسة؛ مما يحقق لديه رضا نفسي وإشباع الذات، وينعكس هذا على الأسرة والمجتمع بعوائد نفسية ومادية واجتماعية.

​​(ب) المردود الاقتصادي الذي يتمثل في الارتقاء بمستوي الأسرة اجتماعيًا وماديًا، بما يعود عليها بالنفع ويرفع من قدرها وقيمتها. 

​​و(3) استفادة المجتمع من استثمار الموهوبين؛ إذ يعود ذلك بمنفعة كبيرة على المجتمع من حيث تطوير نواحي حياة المجتمع سياسيًا واجتماعيًا واقتصاديًا، وذلك من خلال الابتكارات والإبداعات التي يتوصل إليها الموهوبون، ويزيد من القيمة المضافة للمجتمع، كما يزيد من القدرة التنافسية للمجتمع بين كافة المجتمعات (غنايم، 2019).​


وتقدم مؤسسة الملك عبد العزيز ورجاله للموهبة والإبداع "موهبة" العديد من البرامج التي تُسهم في إعداد وتدريب الموهوبين من أبناء المملكة وتتجاوز المناهج الدراسية التقليدية حيث تُوفر للطلبة فرص تعليمية متخصصة متنوعة لتلبية احتياجاتهم من جهة، ومن جهة أخرى لتنمية وتطوير مهاراتهم العلمية والإبداعية بالإضافة للمهارات الناعمة. ومن هذه البرامج: فصول موهبة، الأولمبياد الوطني للإبداع، والأولمبيادات الدولية التي تمثل فرصة عظيمة للطلبة لتطوير مهاراتهم وتوسيع مداركهم العلمية والثقافية، وهذا ما أكدته دراسة كل من: المالكي (2011) والقمص وآخرون (2014)، ومن ناحية أخرى فإنها تُسهم في تعزيز الابتكار والتفكير الإبداعي لدى الموهوبين، وتعزز وعيهم بأهمية التعاون والتبادل الثقافي العالمي.​

​​​

دوافع مشاركة الطلبة في برامج موهبة

​​

إن الدوافع لمشاركة الطلبة في برامج موهبة متنوعة؛ قد تكون الأسرة، والمدرسة، والمعلمين، بالإضافة لاجتيازهم مقياس موهبة للقدرات العقلية المتعددة. وهذا يتفق مع ما ذكره فيجيوتسكي في نظريته حول النمو العقلي للطفل، إلى أن ثقافة المجتمع والتعلم والنمو في السياقات الاجتماعية الراقية ينقل الأفراد من مستويات التفكير الأساسية إلى مستويات التفكير العليا، وأضاف لو فردًا غير من أدوات التفكير المتاحة للطفل فإن عقله سوف يكون له بنية مختلفة جذريًا (في: حجازي، 2011).  فالمجتمعات في العصر الحديث تتقدم بما تقدمه من الرعاية لأبنائها المتميزين تربويًا، وبما توفره لهم من فرص من الرعاية التربوي والنفسية والاجتماعية، وحسن توجيه لطاقاتهم المبدعة واستثمارها (السليحات، 2018).

​​

وفي ذات السياق، ذكر الدهب (2015) أن الموهوب بحاجة إلى نموذج والدي يقتدي به ويدعمه ويساعده ويخبره عن النجاح والشعور به بعد تخطي العقبات ويولي الموهوب العناية الكافية والثقة التامة بقدرته والتفاهم معه. ويزداد شعور الموهوب بالأمن إذا تعارف المعلم على أسرته وارتبط بهم فيتصل المعلم به إذا غاب ويسأل عنه ويهتم به وبأحواله. وقد أشارت نتائج العديد من الدراسات السابقة على أهمية دور الأسرة في رعاية الموهوبين مثل دراسة (جرادات، 2022؛ العبدلي، 2010)، وأهمية دور المعلمين وإدارة المدرسة والمعلمين، مثل دراسة (الحوري، 2015؛ السليحات، 2018).



​​تأثير المشاركة في برامج موهبة على المسيرة العلمية والمهنية للطلبة

​​

باستعراض الأدبيات النظرية حول موضوع تأثير مشاركة الطلبة الموهوبين في هذه البرامج على مسيرتهم العلمية والمهنية، نجد اهتمام بحثي متزايد في السنوات الأخيرة، إذ أشارت بعض الدراسات لأهمية تتبع المسيرة العلمية والمهنية الطلاب المستفيدين من المسابقات العلمية الدولية، ومنها: 

​​

دراسة (Wirt, 2011) التي هدفت إلى تحليل تصورات مشاركي أولمبياد العلوم في تعلم العلوم والاهتمام بها على المسيرة المهنية للطلبة. كما هدفت دراسة (Sahin, et al., 2015) إلى استقصاء تصورات طلاب المدارس الثانوية حول العوامل التي تؤثر في التفكير في مسيرتهم المهنية والمعتقدات المتعلقة بتأثير مشاركتهم في أولمبياد العلوم الدولي على اهتماماتهم الموضوعية ومهاراتهم في القرن الحادي والعشرين.  وفي ذات السياق، 

​​سعت دراسة Top, Sahin, & Almus. (2015) إلى تعرف آراء المشاركين في أولمبياد العلوم الدولي حول فوائد المنافسة والعوامل التي أثرت على طموحاتهم المهنية. أما دراسة (Campbell, et al., 2017) هدفت إلى تقييم فعالية برامج أولمبياد الكيمياء والرياضيات والفيزياء من خلال تتبع المشاركين في هذه البرامج من بدايتها. ​وحديثًا، أتت دراسة الفائز (2022) للتعرف على وجهة نظر العاملين في ميدان رعاية الموهوبين حيال أسلوب التعرف على الطلبة الموهوبين في المملكة العربية السعودية.

​​وقد أوضحت الدراسات السابقة أن لمشاركة الطلبة في مثل هذه البرامج التي تهيئ لهم فرصًا تعليمية متقدمة تتجاوز المناهج الدراسية؛ لها أثار إيجابية عظيمة في حياتهم الأكاديمية والمهنية. فقد أوضحت نتائج دراسة Campbell et al. (2017) أن أولمبياد الكيمياء والرياضيات والفيزياء تُسهم بشكل كبير في تطوير المواهب في مجال STEM، وتنتج محترفين مبدعين في هذا المجال. 

​​​

وكذلك ما توصلت إليه دراسة شريف (2002) من أثر كبير للأنشطة الإثرائية على تنمية التفكير الابتكاري، ودراسة عبد المجيد (2008) أوضحت أثر البرامج الإثرائية الصيفية بالمملكة العربية السعودية في مهارات اتخاذ القرار لدى الطلبة الموهوبين الذين يحضرون هذه البرامج. وبالمثل، نتائج دراسة الدلامي (2015) التي أوضحت أن البرامج الإثرائية تنمي أداء الطلاب الموهوبين في المعرفة العلمية، ومهارات البحث العلمي، والتفكير الإبداعي، ومهارات حل المشكلات، والتفكير الناقد، والقيادة، والدافعية، والاستقلالية. هذا بالإضافة لنتائج دراسة المجحدي (2019) من وجود تأثير إيجابي للبرامج الإثرائية في تنمية مهارات التفكير للطالبات الموهوبات.

​​

​​​​فوائد المشاركة في برامج موهبة

ومن الصعب حصر فوائد مشاركة الطلبة في برامج موهبة، إذ أن لهذه البرامج دورًا هامًا في تعرف الطلبة على ذاتهم وتنمية قدراتهم واهتماماتهم. ويمكن ذكر بعض من أثر مشاركة الطلبة في برامج موهبة على مسيرتهم العلمية والمهنية فيما يلي:

•صناعة الشخصية الإيجابية من خلال تعزيز الثقة بالنفس، والمبادرة، وتحمل المسؤولية، والاعتماد على النفس، والمثابرة والاجتهاد، والشخصية القيادية.

​​​​•التعرف على الذات واكتشاف الجانب الجديد الذي يميزهم عن غيرهم من أقرانهم.

•توفير بيئة تعليمية اجتماعية متميزة من معلمين وطلبة متميزين؛ تُمثل لهم الطريق الأخضر لتحقيق أهدافهم.

•اكتساب مهارة التنظيم وإدارة الوقت.

​​•اكتساب مهارة التعامل مع الضغوط بفاعلية وتحملها مهما كان مصدرها وطبيعتها.

​​•اكتساب مهارة تقبل المشكلات وحلها بطرق متنوعة وبطرق إبداعية.

•اختيار التخصص الأكاديمي بوعي وتفكير مستقبلي.

​​•التميز في الأداء الدراسي سواء في الاختبارات أو الواجبات أو المشاركة في الأنشطة اللاصفية.

​​•زيادة مدارك الطلبة ووعيهم وطاقاتهم.

•اكتساب مهارات اجتماعية منها كيفية تكوين العلاقات والحفاظ عليها واستمرارها.

​​•بناء علاقات اجتماعية تمتد إلى نهاية العمر من المتميزين ممن يشبهونهم في الاهتمامات والقدرات والهموم.

​•اكتساب مهارات الاقناع، والنقد البناء، وكيفية التأثير في الأخرين.

​•اكتساب القدرة على الاستيعاب الدقيق والعميق.

​​•إعطاء الدافع المعنوي والتحمل وعدم الاستسلام.​

وبالإضافة لما سبق ذكره، هناك العديد من الفوائد الأخرى للمشاركة في برامج موهبة التي تُسهم في خلق شخصية الطالب، وتساعده في صناعة نجاحه العلمي والمهني وتزوده بميزة تنافسية محليًا وعالميًا. 


الخاتمة

نظرًا للدور الحيوي لبرامج موهبة في صناعة النجاح العلمي والمهني للطلبة، فإنه لابد من تعزيز دور الأسرة والمؤسسات التعليمية والمجتمع في رعاية الموهوبين من خلال البرامج التوعوية حول أهمية رعاية الموهوبين في تحقيق أهداف الرؤية الوطنية 2030، والتوسع في مشاركة الطلبة في برامج موهبة وتطبيق هذه البرامج في جميع المدارس الحكومية لإتاحة الفرصة لجميع الطلبة بالمشاركة بما يُعظم فائدة برامج موهبة ودورها في استثمار قدرات الموهوبين. كذلك، حث الوالدين على مشاركة أبنائهم في برامج موهبة في مراحل عمرية مبكرة.

​​

قائمة المراجع​
أولاً: المراجع العربية:


الحوري، غاندي. (2015). دور مديري المدارس الإعدادية والثانوية في رعاية الطلبة الموهوبين من وجهة نظر المعلمين في دولة قطر. ]رسالة ماجستير غير منشورة [، كلية العلوم التربوية، جامعة الشرق الأوسط.

​​

جرادات، فاتن عبد الله. (2022). دور الأسرة السعودية في رعاية أبنائهم الموهوبين. مجلة كلية التربية. 38(3)، 275- 294.

​​

حجازي، آندي محمد حسن. (2011). رعاية أبنائنا الموهوبين في عالمنا العربي ... إلى أين. مجلة الطفولة العربية، 12 (46)، 101- 112.

​​

الدلامي، مهنا عبد الله. (2015). أثر برامج إثرائية في أداء الطلاب الموهوبين بالمملكة العربية السعودية. مجلة البحوث التربوية والنفسية، جامعة بغداد، ع45، 229- 257. 

​​

الدهب، تهاني. (2015). من الموهبة إلى الابتكار. الرياض: مكتبة الرشد.

​​ 

السليحات، فواز. (2015). تصور مقترح لتطوير الرعاية التربوية للطلبة المتميزين في الأردن. ]رسالة دكتوراه غير منشورة[، الجامعة الأردنية، الأردن.​​


الشريف، منال إبراهيم. (2015). برنامج رعاية الموهوبين بمدارس التعليم العام في المملكة العربية السعودية بين الواقع والمأمول بمنظور تربوي.​​​

​​

​​المؤتمر الدولي الثاني للموهوبين والمتفوقين - تحت شعار "نحو استراتيجية وطنية لرعاية المبتكرين"، تنظيم قسم التربية الخاصة، كلية التربية، جامعة الإمارات العربية المتحدة.


شريف، نادية محمود. (2002). أثر برامج في الأنشطة الاثرائية على تنمية التفكير الابتكاري لدى طلبة الفصل الأول الثانوي بدولة الكويت. ] رسالة ماجستير غير منشورة [، جامعة القاهرة، القاهرة.

​​

عبد المجيد، أسامة محمد. (2008). أثر البرامج الاثرائية الصيفية للموهوبين على أساليب العزو السببي ومهارات اتخاذ القرار لدى الطلاب الموهوبين السعوديين. مجلة دراسات تربوية واجتماعية، 14(2)، 173- 212.


عبد المجيد، حزيمة. (2016). الكشف عن فاعلية أداتي لكشف الموهوبين من وجهة نظر مدرسيهم. مجلة كلية التربية للبنات، 27(1)، 175- 194.

​​​

العبدلي، سميرة (2010). مستوى وعي الأسرة بدورها في رعاية الطفل الموهوب. مجلة بحوث التربية النوعية، 18 (1)، 179- 215.

​​


غنايم، مهني محمد براهيم. (2019). أهمية رعاية الموهوبين من منظور اقتصاديات التعليم، مجلة كلية التربية –جامعة دمياط .73 عدد خاص، 115- 122.

​​​

الفائز، فهد سليمان (2022). التعرف على الطلبة الموهوبين في المملكة العربية السعودية وجهة نظر المختصين في الميدان التربوي. مجلة كلية التربية جامعة عين شمس، 46، 111- 148.

​​

القمص، فايز فوزي حنا؛ فراج، محسن حامد؛ وعبد اللطيف، أسامة جبريل أحمد. (2014). فاعلية وحدة قائمة على حل المشكلات في ضوء المسابقات الدولية في العلوم في تنمية عمليات العلم لدى تلاميذ المرحلة الإعدادية. مجلة القراءة والمعرفة، 147، 218 - 249.

​​​

المالكي، أميرة. (2011). مشاركة الوزارة في المسابقات الدولية: تحضير متأخر وتدريب هش ونتائج. المعرفة،190، 62 - 73. 

​​​

المجحدي، ابتسام علي. (2019). البرامج الاثرائية وأثرها في تنمية مهارات التفكير للطالبات الموهوبات. العلوم التربوية، 27 (4)، 502- 532.

​​

ثانيًا: المراجع الأجنبية:


​​Campbell, J., Cho, S. & Tirri, K. (2017). Mathematics and Science Olympiad Studies: The Outcomes of Olympiads and Contributing Factors to Talent Development of Olympians. International Journal for Talent Development and Creativity, 5(1), 49-60.​

​​

Sahin, A., Gulacar, O. & Stuessy, C. (2015). High School Students’ Perceptions of the Effects of International Science Olympiad on Their STEM Career Aspirations and Twenty-First Century Skill Development. Res Sci Educ, 45, 785–805 https://doi.org/10.1007/s11165-014-9439-5​​

​​

Top, N., Sahin, A., & Almus, K. (2015). A Stimulating Experience: I-SWEEEP Participants’ Perceptions on the Benefits of Science Olympiad and Gender Differences in Competition Category. SAGE Open, 5(3).​

Wirt, J L.   (2011). An analysis of Science Olympiad participants' perceptions regarding their experience with the science and engineering academic competition, Seton Hall University ProQuest Dissertations Publishing, 2011. 3472708. https://core.ac.uk/download/pdf/151527133.pdf​​



للاقتباس من هذه المقالة يمكن نسخ التالي:​

آل كاسي، عبدالله.،أرنوط، بشرى.، عسيري، أحمد.، و عزام، محمود.،(14 يوليو 2024). برامج موهبة: بوابة صناعة النجاح العلمي والمهني للطلبة. مؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله للموهبة والإبداع.​

https://www.mawhiba.org/Ar/DigitalLibrary/Resources/Pages/default.aspx ​



لتحميل المقال انقر هنا​


​​​​

​​























الكاتب:

مركز التميز، إدراة البحوث والتطوير

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط للتعرف على المستخدم بشكل فريد و فهم احتياجاته كمستخدم لتوفير سهولة الوصول و تجربة مستخدم أفضل. من خلال الاستمرار في استخدام هذا الموقع فإنك توافق على سياسة الخصوصية لهذا الموقع.
بالإضافة إلى ذلك, يستطيع المستخدم رفض استخدام ملفات تعريف الارتباط عن طريق ضبط إعدادات المتصفح.