تسجيل الدخول
التصنيف :

#موهبة#إبداع#ابتكار#

800

برج الوركاء

جذبت قضية ندرة الماء -التي تؤثر على أكثر من مليار شخص في جميع أنحاء العالم- العديد من العلماء والباحثين، للتفكير في إيجاد حلول إبداعية، تسهم في حل قضية ندرة الماء واستدامته، خاصة في البلدان النامية.


 
لذا قامت منظمة ماء الوركاء (water warka) وهي منظمة غير ربحية، بالعمل على بناء برج الوركاء، الذي تتمثل فكرته في التقاط الرطوبة من الهواء المحيط به وتجميعها كماء صالح للشرب. 

 
وكان المهندس المعماري الإيطالي "أرتوري فيتوري" قد طرح الفكرة بعد زيارته قريةً صغيرةً تسمى "أورسون" في إثيوبيا، حيث رأى الأطفال والنساء يعيشون المعاناة والسير لعدة كيلومترات من أجل الحصول على الماء، فعمل -كإسهام منه في حل المشكلة- على تصميم برج "الوركاء" للمساعدة في حل مشكلة ندرة الماء في القرية. 

 
أما بالنسبة لسبب تسمية البرج بهذا الاسم؛ فهو يعود إلى شجرة "الوركاء"، وهي شجرة تين برية عملاقة موطنها إثيوبيا، يستخدم ظلها للاجتماعات والمناسبات العامة التقليدية، ويلتقي الأطفال في ظلها من أجل اكتساب التعلم واكتساب المعرفة.

 
وفيما يخص تصميم البرج، فقد تم بطريقة تجمع ما بين التكنولوجيا الحديثة، وسهولة التركيب، وخفة الوزن، والفعالية في الإنتاج. وعلاوةً على ذلك، يمتاز النموذج الأولي الذي تم تصميمه بأنه مكون بالكامل من مواد طبيعية صديقة للبيئة، إذ إنها قابلة للتحلل البيولوجي وإعادة التدوير بنسبة 100 %، حيث صمم بإطار أنيق مثالي الشكل، مصنوع من الخيزران المحلي، وتحيط به شبكة رقيقة من البلاستيك الحيوي الرقيق؛ مما يسهل صيانته من قبل السكان المحليين، دون الحاجة إلى الكهرباء.

 
ولتوضيح آلية العمل، فإن هذا البرج الذي يبلغ ارتفاعه (٩.٥) متر، يقوم بالتقاط قطرات الماء من الجو نتيجة الرطوبة العالية في الهواء الجوي، ويعمل بفاعلية مرتفعة تتيح للبرج الواحد أن يجمع ما يصل إلى  (100) لتر من الماء النقي يومياً، وتزويد المجتمع المحلي بها، معتمداً في ذلك على مجموعة من الظواهر الطبيعية كالجاذبية والتكثيف والتبخر. 

 
استناداً إلى ذلك، فإن أفضل الأماكن لتثبيت برج الوركاء هي تلك التي ترتفع فيها معدلات الرطوبة الجوية والضباب، أضف إلى ذلك كله إحدى الميزات المهمة التي يتمتع بها البرج، فوزنه خفيف يقدر بنحو 80 كيلوجراماً، الأمر الذي يسهل عملية نقله وتركيبه وصيانته.

 
وتأتي مبادرة الوركاء كإحدى مبادرات العمل على التنمية البشرية الشاملة، واستدامة الماء في المجتمعات الريفية، والتي سيكون لها نتائج مؤثرة كثيرة؛ منها تحسين معايير السلامة في البيئة المعيشية باستخدام مساهمات تنمية متعددة القطاعات، منخفضة التكلفة، موجهة من المجتمع، عالية التأثير، ومصممة خصيصاً لتلبية الاحتياجات المحددة للقرية، إضافة إلى توفيرها فرص عمل تحسن الجوانب الاقتصادية والاجتماعية، قائمةً على تصنيع وإنشاء وإدارة الأبراج. 

 
وقد منح برج الوركاء جائزة التصميم؛ فئة "التأثير الاجتماعي" لعام 2019م



الكاتب:

فوزية صالح المديهيم