تسجيل الدخول
المجال : الكيمياء
2005

عندما أكون أنا بطلة الحكاية

img

​أنا رأد صالح القحطاني، طالبة من متوسطة وثانوية الموهوبات بجدة، وأحد طالبات مؤسسة الملك عبد العزيز ورجاله للموهبة والإبداع، وحاصلة على درجة 1666 في مقياس موهبة، وحكايتي مع موهبة هي قصة إثبات جدارة وتحقيق حُلم، قصة أثبَتَت لنفسي قبل غيري أن لا شيء مستحيل وأن لكل شخص لمسة قد تغير مجرى الأمور، فمنذ أن أنشئت حسابًا في بوابة موهبة في التاسعة من عمري وأنا أشارك في كل ما تطرحه موهبة من جديد، كالبرامج الإثرائية والمسابقات وغيرها الكثير، لأسمح لعقلي بالتوسع في شتى المجالات ولأكتسب أروع الخبرات. 


حتى جاء اليوم الذي رأيت فيه إعلانًا عن مسابقة موهوب للرياضيات والعلوم، فقررت المشاركة في مجال الرياضيات وكنت حينها طالبة في الصف الخامس الابتدائي (عام 2016)، وشعرت حينها بتفاؤل وحماس شديد للمسابقة، وذلك لحبي لمجال الرياضيات وشغفي فيه. بدأت بالتدرب والاستعداد لأداء الاختبار الإلكتروني ولكني فشلت من أول محاولة ولم أكمل أي مرحلة في المسابقة وكانت درجتي متدنية جدًا. 


لكن مع ذلك، لم أفقد الأمل وظننت أن سبب فشلي يتعلق بصغر سني، وقررت أن أشارك مرة أخرى في العام الذي يليه (عام 2017) وأنا في الصف السادس الابتدائي، ولكن باءت محاولتي الثانية بالفشل نفسه. حزنتُ كثيرًا ورأيت أن هذه المسابقة أعلى من مستوى قدراتي والاستكمال فيها صعب جدًا، ولم أخطط لأن أشارك مرة أخرى.


عاد لي الإلهام للمشاركة مرة أخرى عندما أصبحت في الصف الأول متوسط (عام2018) لتعرفي على فتاة نجحت نجاحًا كبيرًا في هذه المسابقة، وقرَرْتُ المشاركة في العام التالي (عام2019) ولكن في مجال الكيمياء -مع أني لا أملك خبرة تذكر في هذا المجال- وكان سبب اختياري لهذا المجال هو رأي من أمي حفظها الله، وعند مشاركتي فوجئت بسهولة الاختبار الإلكتروني، وحصدت درجة مقبولة، ومن ثم فوجئت أكثر بترشيحي لمرحلة الاختبار التحريري، ومع أني لم أحصد أي ميدالية في الاختبار التحريري، إلا أني ترشحت لمرحلة التدريب الأساسي. 


واجهت صعوبات كثيرة في مرحلة التدريب الأساسي لاضطراري حينها للتغيب من الأيام الدراسية ولعقبات أخرى كبعد مقر التدريب مسافةً ومشاكل واجهتها في المحتوى المطروح بحكم خبرتي القليلة فيهومع أني لم أتوقع أن أستكمل المراحل المقبلة التي تلي التدريب الأساسي إلا أنني كنت قد ترشحت لملتقى الشتاء بجامعة الأميرة نورة بالرياض.


ولأكون صادقة، واجهت صعوبات كثيرة في تجميع المادة العلمية في الرياض، وعوامل كثيرة ومختلفة أثرت عليَّ حينها ولكني حاولت بكل ما أملك من مهارات وقدرات أن أغير من مجرى الأمور، ولكن بعد أدائي للاختبار النهائي كان أعلى أمل لي هو أن أترشح للمرحلة المقبلة. وبعد أسابيع من عودتي إلى جدة علمت أنني لم أترشح للملتقى القادم، ولكن هذه المرة زادني فشلي حماسًا أن أشارك مرة أخرى.
شاركت مرة أخرى حتى وصلت لمرحلة التدريب الأساسي، ولكن العقبة التي واجهتني هذه المرة هي مشاركتي في مسابقة بحثية أعتدها وزارة التربية والتعليم، وفي المراحل الأخيرة تعارضت أيام ورش هذه المسابقة مع أيام التدريب الأساسي لمسابقة موهوب، ولذلك كنت أضطر أن أتغيب من أيام التدريب الأساسي لأحضر ورش المسابقة البحثية، وكان لأبيحفظه الله دور كبير وعظيم في تيسير المواصلات لأستطيع أن أوفق في كلا المسابقتين. ومع هذا الضغط الكبير وتعارض مسابقتين مختلفتين تمام الاختلاف إلا أنه بفضل الله، تم ترشيحي لملتقى الشتاء بجامعة الأميرة نورة، وعندما وطئت قدمي أرض الرياض عاهدت نفسي بعدم العودة إلى جدة إلا وأنا حاملة معي نجاحًا كبيرًا.


 وبالجهد والعمل وقوة العزيمة والإصرار، وعند يوم الحفل الختامي لملتقى الشتاء بجامعة الأميرة نورة بتاريخ 14/1/2020، فوجئت وصدمت عندما سمعت مقدمة الحفل تنطق "الحاصلة على الميدالية الذهبية في مجال الكيمياء رأد القحطاني"، ماذا؟! اسمي مقرون بالميدالية الذهبية وأنا طالبة مشاركة من بين نخبة طالبات قويات ومتميزات من جميع أنحاء المملكة! عندها اختلطت المشاعر وتلاطمت الحروف والكلمات، وأثناء مشيي تلك الخطوات المعدودة لاستلام جائزتي بدأت أرى عبارات التحفيز التي كانت ترسلها أمي ليَ في أوقات استعدادي للاختبار مشهدًا على أرض الواقع بطلته هي "أنا"، وعلمت حينها أن الفوز لا يتعلق بالخبرة أو الهبة في مجال المسابقة وحسب، وإنما بالعزيمة والإصرار والتعلم. ومع أنني فشلت 3 مرات متتالية إلا أن نجاحي الأول لم يكن ترشيحًا وحسب، وإنما ترشيحًا على درعٍ كتب عليه "الميدالية الذهبية" وتخطٍ لأمور ظنَّت أنها ستكون عقبة في طريقي لتحقيق هدف مر على كتابته في لائحة الأهداف أربع سنوات، وما زال هذا النجاح نقطة بداية بسيطة لأستكمل بإذن الله مسيرتي في مسابقة موهوب (أولمبياد الكيمياء)، ولأمثل المملكة العربية السعودية في المسابقات والمحافل الدولية خير تمثيل.


وفي الختام أقدم الشكر بعد الله لمؤسسة الملك عبد العزيز ورجاله للموهبة والإبداع فكان لها دور كبير وعظيم في تنمية شخصيتي وطريقة تفكيري، وإكسابي مهارات كثيرة منحتني إياها وغيري الكثير، عبر برامجها الإثرائية ومسابقاتها ومبادراتها الرائعة، كما أوجه كلمة لكل أبناء وبنات وطننا الغالي، تشبثوا بأحلامكم وأهدافكم، فمادام لكم وطنٌ غالي يرعاها، ومؤسسةٌ تدعمها، فلا سبب يمنعكم من التوقف، فلِكُلِّنا أدوارٌ في قصص النجاح، ولكن ليس كُلنا أبطالها، وكل أمرٍ وهدفٍ ترغب في إنجازه وتحقيقه يتطلب أمرًا واحدًا فقط، أن تبدأ الآن.​